لا شك أن للنص سحره الأخاذ الذي يسلب الألباب ويأسر القلوب، طالما توافرت فيه العوامل المؤدية إلى ذلك. وكثيرا ما سعى المبدعون إلى هذا التأثير، لما يحدثه لديهم من لذة ونشوة على غرار ما قاله الشاعر الأكبر المتنبي:" ويسهر الخلق جراها ويختصم". لكن، وبظهور الكاميرا والتسجيل أو ما يعرف بالدراما والسينما ازداد تأثير الصورة لتوضيح النص، وزاد معه التفاعل من المتلقي الذي يشاهد النص وكأنه وليد لحظته، فتنفعل به نفسه، ويتعاظم معه إحساسه. والمقصود بالصورة هنا الصورة الناطقة، وليست الصامتة، فالصورة الناطقة استطاعت أن تبعث حياة أخرى في النص الأدبي، شعرا أو نثرا، حين تعاد كتابته على يد سينارست مبدع مثل الدكتور وليد سيف، حيث استطاع بقلمه مع كاميرا المخرج الراحل حاتم علي -رحمه الله- أن يظهر وجها من وجوه الثقافة العربية في مناحي عدة، فكانت مسلسلات" وصقر قريش، وربيع قرطبة، وملوك الطوائف" وغير ذلك من الروائع الدرامية التاريخية التي استطاعت بروعة الإخراج مع قوة سبك في السيناريو أن تجذب أنظار الملايين من المتابعين، وتسحب البساط من تحت قدم الدراما الاجتماعية وغيرها مما يشاهده الناس على شاشة التلفاز. وتتضح إشكالية البحث في توضيح مدى قدرة المؤسسات التعليمية على توظيف الدراما التاريخية في تعليم البلاغة العربية.