أنساق الخوف الثقافية في الأمثال العمانية (دراسة في الأنساق ‏المعلنة والمضمرة)‏ ‏

تعنى هذه الدراسة بتناول ثقافة الخوف المعلنة والمضمرة في الأمثال العمانية؛ إذ تعطي الأمثال صورة قد تكون معلنة أو مضمرة عن ثقافة الشعوب وطبيعتها فكرا وعاطفة، فهي نصوص مفتوحة على الشعب كله بمختلف فئاته الاجتماعيّة، والثقافيّة، والاقتصاديّة، فتتجول الأمثال بين حارات العامة وزقاقهم، وترقى إلى قلاع الساسة وحصونهم، ويتلقفها المتلقون بعقولهم وقلوبهم، فتسكب دلاتها لتغذي أفكارهم ورآهم، وتنفث تأثيرها لتوجه عواطفهم ومشاعرهم.  وإذا كانت الأمثال الشعبية فوق السلطة اللغويّة ولا تكترث برقابتها؛ فإنّ الأمر يختلف في العلاقة مع سلطة المتلقين؛ إذ إنّ استنطاق نصوصها يكشف في كثير منها عن تجليّات للخوف، فمنه المعلن الصريح، ومنه الخفي المضمر، كالتخويف من المواجهة، والتخويف من العواقب، والتخويف من المرأة، وتتنوّع أساليب تكريس الخوف في الأمثال العمانية، وتتنوّع أساليب إقناع المتلقي بالمضامين المضمرة بين الإغراء والتحذير، والترغيب والترهيب. وعند وقوفنا على الأمثال الشعبيّة العمانيّة من خلال الكتب التي اعتنت بجمعها تضافرت في ذهننا جملة من الأسئلة شكّلت في جوهرها إشكاليّة دراستنا: فما الأنساق المعلنة والمضمرة التي تضمنتها الأمثال العمانيّة؟ وكيف استطاعت هذه الأنساق التأثير في سلوكيّات المجتمع العماني؟ وما دوافع تكريس ثقافة الخوف؟ وما صور الخوف وتجليّاته في هذه الأمثال؟ ، ووجاهة البحث عن ثقافة الخوف المعلنة والمضمرة في الأمثال العمانية تدعمها قدرة الأمثال الشعبية على تجسيد الحس الجمعي والمشاعر المشتركة بين أبناء الشعب الواحد؛ إذ تُختزن الأمثال في أعماق دلالاتها بالذاكرة الجمعية للشعوب، فتقدم رؤية واضحة عن مشاعرهم الظاهرة منها والباطنة، وهذا ما سوّغ اختيار هذا الموضوع، إذ لا توجد ـ في حدود علمنا ـ دراسة علميّة متخصّصة تناولت هذا الجانب البحثيّ. وقد اخترنا جملةً من كتب الأمثال العمانية مدونةً لدراستنا، متوسلين بالنقد الثقافيّ مع الإفادة من نظريتي التلقي والتأويل. وقد اقتضت حيثيات الدراسة قسمتها إلى مقدمة وثلاثة محاور وخاتمة:
المحور الأول: نسق التخويف من المواجهة
المحور الثاني: نسق التخويف من العواقب.
المحور الثالث: نسق التخويف من المرأة.